غيرة النساء من الكتب حقيقة أم وهم ؟
كان لي موعد مع احد الأصدقاء والزملاء وهو صحافي في إحدى الصحف المحلية وحين التقيت به في منزله حسب الموعد المتفق عليه وجدته في حالة حزن وغضب شديد لا يحسد عليه وبعد محاولات عديدة لمعرفة سبب حزنه وغضبه أجاب : إنه تشاجر مع زوجته لأنها حطمت مكتبته ومزقت كتبه وبعض المقالات الصحفية التي يحتفظ بها .
فقلت له :لماذا فعلت ذلك هل هي تكره الكتب ؟
فقال لي :نعم تكره الكتب مع العلم أنها طيبة وغير عدائية ! فاستغربت من قوله فلما رأى علامات الدهشة والاستغراب وقد ارتسمت على وجهي اصطحبني إلى غرفة مجاورة حيث توجد مكتبته واراني آثار الدمار التي حلت بها كما شاهدت أعداداً من الكتب الممزقة بوحشية منثورة في أرجاء الغرفة!
خرجت من عنده حزيناً أرثي لحاله وأنا أتساءل :هل مطالعة الكتب واقتنائها وجمع المقالات والصحف تثير غيرة النساء حقاً ؟ أم أن وظيفته وعشقه للصحافة زاد غيرة الزوجة ؟ ولماذا؟
طرحت هذا السؤال على عدد من هواة المطالعة ومن المهتمين بجمع الكتب والزملاء الصحفيين فكانت محطتي الأولى مع الصحفي محمد ( ........ ) وهو من الصحفيين النشطين ومن المطالعين للكتب وجمعها ولديه مكتبة عامرة بالكتب النادرة والنفيسة كما أكد هذه الحقيقة وقال أن الكتب تثير غيرة بعض النساء فعلاً سواء كن متعلمات أم جاهلات !
وهي كما يعتقد أحد أسباب المشاكل الزوجية الكثيرة..
وروى لي حادثة وقعت له في بداية حياته الزوجية فقال:
- في احد الأيام بينما كنت منهمكاً في مطالعة احد الكتب القيمةوالذي حصلت عليه بعد جهد جهيد إذا بزوجتي تندفع في ثورة غضب وتخطف من يدي الكتاب وتمزقه إرباً إرباً ! ولما سألتها لماذا فعلت ذلك أجابت : بأن الكتاب أصبح عدوها اللدود لأنه أخذني منها وشغلني عنها كما تقول!
وهكذا ضاع الكتاب الذي حصلت عليه بعد طول عناء على يد زوجتي العزيزة.
زوجتي حرمتني من متعة القراءة((
أما المهندس أحمد سلمان يعمل في شركة الكهرباء فأبدى رأيه بالموضوع من خلال قصة عاش أحداثها فأستهل حديثه بالقول :
-إن الكتب هي جزء من حياتي ولا أستطيع الاستغناء عنها أبداً فلا يكاد يمر يوم حتى تراني أقرأ كتاباً جديداً بكل شغف ومتعة لكن زوجتي -سامحها الله - حرمتني من هذه المتعة فقد كان الكتاب عدوها اللدود فكلما رأتني أقرأ كتاباً تسخر مني وتسمعني عبارات جارحة تنم عن جهلها وضعف مستواها التعليمي ! فقد كان جمع المال في رأيها خير من الجلوس لساعات طويلة منكباً على قراءة كتاب لا فائدة منه حسب اعتقادها !وفي أحد الأيام عدت فيه إلى البيت وإذا بي أجد أن كتبي أصبحت رماداً تذره الرياح بعد أن تجرأت وأقدمت على حرقها في التنور المتواجد في منزلي كما تحرق الحطب!
وفندت المدرسة لا تريد ذكر اسمها واكتفت بذكر أم سعد إدعاءات الرجال بأن النساء يكرهن الكتب ومطالعتها وقالت أنها محض افتراءات وأكاذيب ليس لها أساس من الصحة بل أن أكثر النساء يعشقن المطالعة وهن حريصات كل الحرص على جمع الكتب القيمة أكثر من الرجال.
وعلق على هذه الظاهرة سعد بن عبد الله ويعمل باحث اجتماعي قائلا ً:
-كثيراً ما نسمع قصصاً وحكايات يرويها لنا رجال متزوجون تثير فينا الدهشة والاستغراب حول قضية تهم حياتنا الثقافية والاجتماعية إلا وهي قضية (غيرة النساء من الكتب ) أنها تثير فيهن روح الثورة والانتقام فيندفعن بطيش بغية تمزيقها أو إتلافها عن قصد ووعي في حين نرى الطرف الآخر يكون رافضاً ومستنكراً لهذا التصرف الأحمق فنسمع الصراخ العالي والتوبيخ والمهاترات الكلامية إلى أن يصل به الأمر إلى التخاصم أو الفراق!
لو تأملنا هذه الظاهرة ملياً فأننا سنرى صفة العدائية أو العدوانية(Aggression) أبرز سماتها وأن الخراب الذي يحل بها يكون سبباً في إحداث ما يسمى سوء التنظيم العاطفي (EmotionalMaladjustment) بين الزوجين فيظن الناس أنها مجرد(غيرة) عابرة أو انفعال أحمق لاغير بينما يرى المتخصصون في علم النفس الاجتماعي أنها(غيرة مرضية ) ناتجة عن (صراع داخلي تنافسي) في مخيلة المرأة وهذا ما يطلق عليه بـ(Competitive conflict) الذي يتزايد كلما أزداد الشك والارتباب.
إن المشكلة التي تعاني منها هي بحد ذاتها تكمن في المرأة نفسها كونها زوجة تعشق زوجها تريده لوحدها تستأثر به دون أن يشاركها فيه أحد حتى ولو كانت الكتب التي يهواها!
لذلك أصبحت هذه الكتب خصماً ومنافساً لها في خيالها أو مخيلتها لا بد من تحطيمه والقضاء عليه فكانت مبادرتها العنيفة بتمزيق الكتب وأتلافها وما على الزوج - المثقف - سوى الرضوخ لإرادتها ورغبتها فإنه لا ذنب له سوى انه أراد أن يستأنس بكتاب في لحظة ما ...........