التامينات الاجتماعية : توضح حقائق شائعاً رفع الحد الادني لمعاشات المتقاعدين
إشارةً لما يتـم تداوله منذ فتـرة وتنقله بعض الصحف المحلية حيـال المطالبـة برفع الحد الأدنى لمعاشات المتقاعـديـن على نظام التأمينات الاجتماعية وكذلك المطالبـة بتقديـم خدمات وتسهيلات أخــرى لهـم كقروض وتأمين طبي وغيرها وذلك بناءً على الوفرة المالية لدى المؤسسـة وأن هذه الأمـوال هي حقـوق للمشتــركيـن والمتقاعـدين يجب أن يستفيــدوا منهـا.
وتعليقاً على ذلك ترغب المؤسسة تقديم إيضاح مـوجـز حول ذلك وفق ما يلـــي :-
1- نظام التأمينات الاجتماعيـة السعودي قائـم على تقـديم منافع محـدودة على سبيـل الحصـر على شكل معاشات وتعويضـات مقابل اشتراكـات محددة وقد تم تحديد قيمـة الاشتراكـات على أسس علميـة لتكـون قادرة على خلق مصادر لتمـويل المنـــافـع.
2- إن إيرادات استثمـار الاشتراكـات هي المصدر الآخـر الرئيسي لتمـويل النظـام وقد تم تحديد المنافـع عند إنشاء النظام على هذا الأساس و بالتــالـي فإن هذه الاموال المتوفرة لدى المؤسسة حالياً لم تأتِ فجأة أو زيادة حتى يتم النظـر اًو المطالبــة بتوزيعهــا على شكـل مسـاعـدات أو قروض بل هي مصدر اساسي لتمويل المعاشات حالياً ومستقبلياً وأن أي إخلال أو توجيـه لهذه الاصوال خارج منافع النظام المحددة يؤدي إلى الإخــلال بالتـوازن المالي للنظـــام.
3- نظام التأمينات الاجتماعيـة بالمملكـة يعتبـر في ادبيات أنظمـة التأميـن الاجتماعي نظام حـديث ومن الثابت في طبيعـة هذه الأنظـمة أن تتـوفـر لديها في العقـود الأولـى وفرة نقـديـة نتيجـة زيادة عدد المشتــركيـن مقارنـةً بعــدد المستفيـديـن (المتقـاعـدين) ثم تبـدأ المعادلـة تدريجيـاً في التحـول سنـة بعد أخـرى نتيجـة زيادة عدد المتقـاعـدين بحيث تتجاوز المصروفـات الاشتراكات ثم يبـدأ النظام الاستعانة بإيرادات الاستثمـار لتمويل النقـص في قدرة الاشتراكـات على تمـويل معاشات المتقاعـدين، وهذا هـو الأمـر الحاصل في النظام بالمملكـة حيث توفـرت لدى المؤسسة أرصدة في بدايـة الثلاثيـن سنـة الأولى من عمـر النظـام ثم بدأت المعاشـات تزداد سنوياً بمعدلات تفوق بكثير الزيادة في الاشتراكات وتتوقع المؤسسـة أن تحقق نقطـة التعادل بين إيرادات الاشتراكات ومصروفات المعاشات خلال السنـوات القليلـة القـادمـة لتعتمـد بعد ذلك على إيرادات الاستثمــار لتمـويل المعاشـات. ولتأكيد ذلك فإن مصروفات فرع المعاشات خلال عام 2007م تصل إلى حـوالي 65% من اشتراكات الفرع مما يؤكد حقيقـة الأمـر. كما ان معدل نمو المصروفات سنوياً يفوق معدل نمو الاشتراكات.
4- أن نسبة الاشتراكات في فرع المعاشات من نظام التأمينات الاجتماعيـة وهي بنسبـة 18% من الأجر الشهري يتـم دفعـهـا مناصفـةً بين المشتـرك وصاحب العمـل، ثبت لدى المؤسسة من خـلال دراسات مالية واكتوارية قامت بها المؤسسـة ذاتيـاً وأكدتهـا بيـوت خبرة عالميـة متخصصة أنها لا تكفي لتمـويل المعاشـات التي يقدمها النظام وبالتالي فإن النظـام غير ممول بالكـــامـل وهناك فجـوة تمويلية مما يستـدعـي المزيد من الخوف والحذر في المحافظـة على حقـوق المشتركيــن المتـوفـرة حالياً لتمكيـن النظام من الوفاء بالتـزامـاتـه مستقبــلاً.
5- الحد الأدنى للمعاشات حاليا تم تحديده من قبل الدولة وفقها الله رعاية للفئة ذات الدخول المنخفضة من المتقاعدين من المواطنين واشتراكات هؤلاء واستثماراتها لا تمول إلا جزء محدود من معاشاتهم وبالتالي فإن أي رفع إضافي لهذه المعاشات سيفاقم من الضرر على النظام ويضعف قدرة المؤسسة في المستقبل على الوفاء بحقوق المشتركين الآخـرين الذين دفعوا اشتراكاتهم .
6- إن وضع حد أدنى للمعاشات يتوافق مع الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة أمر على قدر كبير من الأهمية ولكن يلزم أن يسبق ذلك وجود حد أدنى للأجور الخاضعة للاشتراك فليس من المتصور وفق أبسط مبادئ التامين أن يكون المعاش التقاعدى أعلى من الاجر الخاضع للاشتراك لأن ذلك سيؤدي حتما وبسرعة إلى إفلاس ذلك النظام التأميني كما أن من غير المنطقي أن يكون دخل المتقاعد أعلى من دخل العامل وأن في ذلك مدعاة للبطالة، علما أن حـوالي نصف المشتركين السعوديين بالنظام ممن هم على راس العمل حالياً تقل رواتبهم الشهرية عن ثلاثة آلاف ريال .
7- تاتي الزيادة الكبيرة في عدد المشتركين سنوياً في نظام التأمينات الاجتماعية من السعوديين كعامل سلبي وليس ايجابي لتشكل ضغطا ماليـاً كبيراً على النظام بسبب كون النظام غير ممول بالكامل نظرا لأن الاشتراكات الفعلية تقل عن قيمة الاشتراكات المفترضة لتمويل المعاشات وهذا ما تؤكده الدراسات التي تقوم بها المؤسسة بشكل مستمر لمتابعة النظام.
8- أن تقديم القروض سواء للإسكـان أو غيره أو تقديم خدمات أخرى كالتامين الصحي يفترض أن يتم من خلال تقديم ميزة نسبيـة عبر خفض لتكلفة هذه القروض والخدمات (قروض وخدمات ميسـرة) تنافس ما يتم تقديمه منها من خلال الجهات التجارية المتخصصة في تقديمها ولكن تلك التخفيضات ستكون على حساب إيرادات استثمار اشتراكات المشتركين مما يعني الإخلال بتوازن النظام ماليا الذي هو في الواقع بحاجة لتعزيزه بدلاً من المزيد من الضغط عليه.
9- أنظمة التقاعد والتأمينات بالمملكـة من الأنظمة القليلة في العالم التي تقدم التقاعد المبكـر وهو يشكل حالياً ضغطاً مالياً كبيراً على النظام، والواقع أنه يتم استخدامه لغير الأغراض التي شرع من أجلها حيث أن التقاعد المبكر يفترض أن يكون لحالات فردية استثنائية ولا يعود المتقاعد للعمل بأي حال سواء كموظف أو صاحب عمل كما أن قيام العديد من الشركات وخصوصاً الكبرى بخفض جماعي لاعداد العامليـن لديها من خلال منحهم مزايا لتشجيعهم على التقاعد المبكـر قد رفع من إعداد المتقاعديـن مبكراً ومن قيمة معاشاتهـم التي أصبحت ترتفـع بشكلٍ كبيـر وهذا يعني أن هذه الشركات تعيد هيكلة القوى العاملـة لديها على حساب نظام التأمينات الاجتماعية مما يلحق الضرر بالمشتركيـن الآخرين بالصندوق ويخالف الأهداف التي من أجلها تمت إتاحة التقـاعد المبكـر.
10- المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية توجه كافة امكاناتها لخدمة الغرض الذي انشئت من اجله وهو تنفيذ نظام التأمينات الاجتماعية، وقد حققت بحمد الله تطبيق النظام على جميع المنشآت اياً كان عدد العاملين بها وشملت التغطية التأمينية العاملين في مختلف انحاء المملكة وانتشرت مكاتبها الواحد والعشرين في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، واستفاد من خدماتها العدد الكبير من المشتركين واسرهم وقد بلغ عدد المسجلين بالنظام حتى الآن (11.176.255) وعدد المشتركين على راس العمل حالياً حوالي(3.627.142) وعدد من يستلمون معاشات شهرية من المؤسسة (200.000) كما بلغت قيمة المنافع التي صرفتها المؤسسة حتى الآن حوالي (47)مليار ريال.
والمؤسسة تعطي الجانب التأميني الاهمية والاولوية الكبرى في الوقت الذي تدرك فيه اهمية الجانب الاستثماري الذي يعتبر احد الانشطة الرئيسية التي نص النظام على القيام بها وعلى اهميتها كمصدر اساسي لتمويل المنافع.
11- وفي الختام فإن من أسعد الأمـور لدى المؤسسة ومنسوبيها بل من أسهلها أن يتم رفع المعاشات وتقديم القروض والمساعدات وستجد المؤسسة كل الشكر والثناء من الجميع على ذلك ولكن هذا يتعارض مع مبادئ الأمـانـة والمسئولية الوطنية تجاه المشتركين ممن هم لا يزالون على راس العمل والمشتركين في المستقبل لأن هذه الأمـوال هي حقوقهم وحقوق أسرهم من بعدهم مما يلزم المحافظة عليها وتنميتها لتقديمها لهم في وقتها كاملة غير منقـوصة عند حلول شروط ومواعيد استحقاقها ، وأن من أصعب الأمور على الفرد والأسرة والمجتمع والدولة أن يأتي الوقت الذي تعجز فيه أنظمة التامين الاجتماعي عن دفع المعاشات لمستحقيها، وقد تكون وقتها الظروف المالية للدولة لا تمكن من سد العجز الحاصل في صندوق النظام. سائلاً الله تعالى أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والرخاء في ظل الرعاية السامية الكريـمـة من حكومة خادم الحرمين الشريفيـن وسمو ولي عهده يحفظهما الله.